بقلم- الشيخ حسام العيسوي:
مع انتهاء شهر رمضان الكريم تنتهي صلة بعض المسلمين بالقرآن الكريم، وعجبًا! كيف يرضى المسلم لنفسه أن تنقطع صلته بكلام الله؟! وكيف يرضى لنفسه أن يكون في تعداد الهاجرين لكلامه تعالى؟!
لهذا الذي ذكرناه لا بد من بيان التجارب الناجحة مع كلام الله عز وجل، خصوصًا بعد شهر رمضان، ولهذا جاءتني فكرتي في هذه المقالة كتجربة أدعو الله عز وجل أن يتقبلها، وأن تكون حكايتها سببًا في الرجوع والعودة إلى القرآن.
أولاً: هدف التجربة:
الهدف من أي تجربة هو النجاح في أدائها، والوصول إلى أعلى مستويات الأداء، أو قل كما يقول علماء النفس: ثبات الأداء؛ لذلك كان الهدف من التجربة هو: كيف نختم القرآن الكريم بعد رمضان؟
قد يكون الهدف منها أيضًا: النجاة من الوعيد المترتب على عدم ختم القرآن الكريم في الشهر، وهو أن يصبح المسلم هاجرًا لكلام الله.
وقد يكون الهدف أيضًا: هو معالجة النفس خصوصًا أن أداء الطاعة – تلاوة القرآن الكريم- بعد رمضان من أصعب الأشياء على النفس، وكيف تكون يسيرة وقد قال الحبيب صلى الله عليه وسلم: حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات!
ثانيًا: إجراءات التجربة:
لكل تجربة ناجحة إجراءات، إذا التزم صاحبها بها نجحت، وأدت الغرض منها، والعكس صحيح.
وأهم إجراءات هذه التجربة الناجحة هي:
- تخصيص وقت معين لقراءة القرآن.
- مجاهدة النفس في الانتهاء من الورد في الوقت المحدد.
- التغلب على كل المشكلات والمعوقات في الوقت المحدد.
- وقبل ذلك الاستعانة بالله عز وجل.
- ابدأ، جاهد، اجتهد، صمم، انتهيت من الورد والحمد لله.
- لا تنس الدعاء والحمد والاستغفار بعد الانتهاء من الورد القرآني.
ثالثًا: معوقات التجربة:
المعوقات شرط أساسي في كل تجربة ناجحة، بل قل: لا توجد تجربة ناجحة بدون معوقات.
وأهم المعوقات في ختم القرآن في الشهر:
- عدم تحديد الهدف، وهو أهم المعوقات، فطالما لا يوجد هدف، فقد يصل الفرد مبكرًا أو متأخرًا، وما أحسن ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: "من خاف أدلج"!
كذلك من أراد أن يختم القرآن ولا يكون من الهاجرين له فليحدد هدفه جيدًا، وتحديد الهدف كما قلنا يستدعي تحديد الوقت والمكان المناسبين.
- قد يحدد الإنسان الهدف، ولكن توجد بعض المعوقات أثناء العمل، فقد يحدد الإنسان الوقت المعين لقراءة القرآن، ولكن للأسف الشديد قد يأتي معوق فيمنعه من أداء ذلك - زيارة صديق، عمل طارئ، مشكلة حياتية- والحل عندئذ سرعة التدارك، ومعرفة الأولويات، وأعتقد أنه لا توجد أولوية أفضل من العلاقة بكتاب الله، فهل يستطيع الإنسان أن يعيش بدون هذا الزاد الروحي اليومي؟
- الانشغالات النفسية، والوساوس الشيطانية، فحينما يبدأ في القراءة فقد ينشغل بالتفكير في مشكلة معينه، وقد يوهمه الشيطان بأن قراءته غير صحيحة ولا تصح، ويزين له ذلك بأنها قراءة بدون خشوع ولا تدبر، وللتغلب على ذلك ينبغي أن: يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، ويجبر نفسه على العودة السريعة إلى كتاب الله، فكل ما يلاقيه ما هو إلا خواطر نفسية ووساوس شيطانية الهدف منها هو صده عما هو فيه من القراءة.
- من أهم العوائق أنه قد يحدث انقطاع للإنسان لظروف قوية خارجه عن طاقته، تمنعه هذه الظروف القوية من المطالعة لمدة كبيرة- قد تكون يومًا أو يومين أو أكثر من ذلك- ولمغالبة هذا المعوق ينبغي ترتيب أهدافه من جديد، فقد يزيد مدة المطالعة لكتاب الله، أو يزيد الورد القرآني لجبر هذا الخلل، وطالما أن الهدف قويًّا فحتمًا سيصل إلى هدفه، الأهم في ذلك كله التدارك السريع، وعدم التكاسل واختلاق المعاذير.
رابعًا : نتائج التجربة:
- المحافظة على الورد القرآني، وختم القرآن الكريم في شهر، والنجاة من جزاء الهاجرين لكتاب الله.
- الاستفادة بالقرآن في تجارب دعوية ناجحة وذلك عن طريف:
- الاستعانة بالآيات في مواطنها الصحيحة، وذلك يأتي بالمحافظة على الأوراد، وكثرة القراءة.
- النطق بالقرآن الكريم، والاستشهاد بآياته كلما استدعى الأمر ذلك.
- الوصول إلى مرحلة "الرجل القرآني" والمعروف بليله إذا الناس نائمون، وبنهاره إذا الناس مفطرون.
خامسًا: الوصايا العشر:
- مصحف في جيبك كنز في قلبك (اصطحب المصحف في كل مكان).
- ختم القرآن ضرورة دنيوية وأخروية فاجعلها في بداية أولوياتك.
- كما للجسد ثلاث وجبات، فإن للروح وجبات أيضًا تموت الروح بعدم التزود منها.
- هل تحرم نفسك من إجابة الدعاء وتنزّل الملائكة في ختامك للقرآن.
- هل تنتظر رمضان القادم؟ رمضان لا ينتظر أحدًا.
- القرآن شفاء للروح، وعلاج لإسقامها، فلماذا تدّعي المرض والدواء بين يديك؟
- عاون غيرك على القراءة، فزكاة القراءة أن تعين عليها الآخرين.
- الواجبات أكثر من الأوقات، فلا تكن عوناً للشيطان على صاحبك؟
- عذوبة اللسان، وسلامة النطق، والتفكير السديد، والعون من الله، كل ذلك ببقائك مع كلام الله.
- القرآن ربيع القلب، فلماذا ترضى لقلبك أن تتساقط منه أوراق الحياة.
اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، وجلاء همومنا، وذهاب أحزاننا، اللهم علمنا منه ما ينفعنا، وذكرنا منه ما نسينا، وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يرضيك عنا يا رب العالمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على إمامنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم.